روي عن عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي أنه قال: «اطلبوا معيشة لا يقدرُ سلطان جائرٌ على أخذها وغصبها، فقيل: ما هي؟ قال: الأدب.
تكتسب كلمة الخليفة هنا أهمية خاصة، لأنها تصدر عن رجل عرف ببعد نظر، مثلما تكتسب أهميتها من كونها تعبيرا عن خبرة عملية وإدراك حقيقي لقيمة ما يقول، حين يتحدث عن الحاكم.
فعبدالملك يعرف تماما أن بإمكان الحاكم إذا شاء، أن يسلب المحكوم ما عليه، من مال أو منصب أو عقار، ليمسي بين يوم وليلة وقد تحول إلى كائن بائس، يفتقر إلى ما كان له من عناصر قوة وزهو. لكن الرجل يستدرك ليذكرنا بأن شيئا واحدا، ليس للحاكم قدرة على سلبه هو الأدب وهو هنا كناية عن العلم والمعرفة والآداب.
فالأدب والعلم تحصيل واجتهاد ينطبع في عقل المرء ووجدانه، ليشكل هوية المرء وشخصيته الدالة عليه التي لا سبيل إلى إزالتها. وفي هذا المثل إعلاء من شأن الأدب والمعرفة فوق سائر ما يمكن للمرء الحصول عليه من جاه ومال ومُلك كما قلنا. فكل شيء آخر هو دون العلم وسلطته.
إن إعجاب الحاكم بصاحب الأدب والعلم هو الذي يجعله يقرّبه ويستمع إليه، ويطلب نصحه. ومن هنا تأتي أهمية الحثّ عليها من قبل الحاكم الذي قال في شيء من التوكيد الذي أخذ شكل الأمر: اطلبوا معيشة.
فروق لغوية الفرق بين العنان والعنان
أن العنان بفتح العين تعني السّحاب، فنقول: حلّقت الطائرةُ في عنان السماء. أما العنان بكسر العين، فمن معانيها: لجامُ الدّابة، نقول: سقط الصبيُّ من ظهر الفرس لأنه أفلت عنانها.
فوائد لغوية نستخدمُ في بعض مجتمعاتنا الفعل ترهدن بمعنى تباطأ. ونظنها كلمة عامية، لكن العودة إلى المعاجم اللغوية تُرينا أن الرّهدنة هي: الإبطاءُ، فنقولُ: ترهدن في الأمر: إذا توانى فيه وقلّ نشاطُهُ.
مغزى مثل نفخت لو تنفُخُ في فحم
يُضرب هذا المثل للحاجة التي نطلبها من غير موضعها، أو ممن لا يرجى منه تحقيقها. وهو مثل يعتمد على الصورة التشبيهية، إذ نريد هنا الإشارة إلى استحالة الحصول على ما يراد من أمر أو نتيجة. فنفخنا إنما كان في الفحم المنطفئ وليس في النار التي نرجو نوالها. أما الفحمُ فبفتح الحاء لا سكونها.