بينما كان “مهدي بلال” عائدا إلى منزله بعد حضور زواج بشمال تونس، لمح فجأة بحيرة كبيرة تلمع مياهها بفعل الشمس الحارقة وسط الصحراء القاحلة وعلى بعد 25 كلم من مدينة قفصة التونسية، للوهلة الأولى ظنَّ مهدي أنه أصيب بضربة شمس فالبحيرة متواجدة في مكان كان صحراءً منذ أربعة أيام! لكن مهدي لم يكن يتخيل الأمر، فالبحيرة موجودة في نفس البقعة التي كانت جافة منذ أيام قليلة!
بحيرة غامضة تظهر بين عشية وضحاها في تونس!
وانتشر خبر البحيرة الغامضة كالنار في الهشيم بين سكان مدينة قفصة والقرى المجاورة، وتوافد مئات التونسيين إليها لتعرف لاحقا باسم “بحيرة قفصة” أو شاطئ قفصة، فعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 40 درجة مئوية والجفاف في المنطقة، إلا أن البحيرة ظهرت وعلى امتداد كبير ما جعلها مقصدا للسباحة والاستجمام.
ترجيحات ظهور البحيرة الغامضة!
أما عن أصل تشكيل البحيرة فيبقى غير واضح حتى اللحظة، والأكثر ترجيحا من العلماء أن زلزالاً طفيفا ضرب المنطقة ما أدى لتمزق الصخور والسماح لمنسوب المياه الجوفية في باطن الأرض بالتسرب إلى السطح، فتكونت بحيرة بعمق 10-18 مترا.
ومنذ ظهور البحيرة الغامضة حتى هذه اللحظة، أصبحت مقصدا للسياح وسكان المنطقة، لكن السباحة فيها تبقى محفوفة بالمخاطر لاحتمال أن تكون البحيرة ملوثة بالفوسفات الذي عُثر عليه في التربة والصخور بالمنطقة، فمنذ عام 1886م، اشتُهرت قفصة باستعمالها المركّبات الفسفورية لتصنيع الأسمدة، المبيدات الحشرية، المنظفات والأسلحة الكيميائية، بعبارة أخرى كل شيء يعتبر خطير في المنطقة على اعتبار أن الفوسفات قد يترك مخلَّفات مشِّعة خلفه ما يجعل مياه البحيرة وتربتها من مسبِّبات السرطان.
كما أن لون مياه البحيرة قد تغير بشكل واضح من الأزرق إلى الأخضر بفعل نمو الطحالب، ما يعني أن مياهها لا تتجدد، ما يجعلها بحيرة ملوثة بالبكتيريا والجراثيم، وهذا ما جعل مكتب السلامة العامة في قفصة يحذِّر المواطنين والسياح من السباحة بها، لكن قلة قليلة من تلتزم بالتحذيرات بفعل رجات الحرارة المرتفعة.