االحنان كلمة من الكلمات المدهشة في قاموس المشاعر الإنسانية ...ونحن ننسب الحنان للمرأة ،فنقول : حنان الأم أو حنان الأحبه
وأحيانا ننسب الحنان للرجل فنقول : حنان الأب أو الأخ أو الصديق
وقد وردت كلمة الحنان في القرآن ...الكريم عن أحد أنبياء الله . وأسند الحنان فيها إلى الله سبحانه وتعالى .
قال الله تعالى عن يحي عليه السلام في سورة مريم (وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا )
الحنان إذن صفة من صفات الأنبياء وهو صفة من صفات الرجال والنساء .ولكنه صفة شديدة الندرة .
بل هو أشد ندرة من الماس الثمين
وإذا كانت الأرض تستغرق ملايين السنين لتصنع الماس تحت ضغوط هائلة وحرارة أشد هولا ، فإن الحنان صفة لا تتوفر إلا في النفوس التي بلغت حظا رائعا من الرقي الإنساني ...
ماهو معنى الحنان ؟؟؟
ماهي صفته ؟؟
ماهو مدلوله ؟
هل يختلف الحنان عن الحب ...؟؟ هل يختلف عن الرحمة ؟ هل يختلف عن الرفق ؟ هل يختلف عن الشفقة ؟
تعاقبت هذة الأسئلة على ذهني وراحت تلح عليه ، ونهضت أبحث عن معنى الحنان في قواميس اللغة وتفسيرات المفسرين .
يقول معجم ألفاظ القرآن الكريم - مجمع اللغة العربية - في معنى الحنان :أن الحنان هو الرحمة والعطف والرزق والبركة .
هذا تفسير المعجم لكلمة الحنان التي وردت في سورة مريم ..(وحنانا من لدنا )
ورغم صحة هذا المعنى فإني أرى للحنان معنى أشمل .
الحنان صفة تتسم بالتعقيد والتركيب ، وبالتالي فان معناها يتسم بالتعقيد والثراء والتركيب ....ليس الحنان صفة بسيطة وبالتالي معناها ليس بسيطا .
أحيانا ينطوي الحب على الاثرة والرغبة في الملكية وإرادة الإستمتاع ،ولكن الحنان حب يخلو من الاثرة والملكيةوالإستمتاع.
وفي الحنان رحمة ولكنه ليس رحمة فحسب ،ان الرحمة رقة تعتري الإنسان وتحركه إلى قضاء حاجة إنسان أخر ،ولكن للحنان معنى أوسع من مجرد الرقة ،هو رقة تنحني بالقوة على الضعف فتسنده وتقويه .
وفي الحنان فهم ولكنه ليس فهما مجردا ،فأحيانا ينطوي الفهم على الإدراك ،ولكن هذا الإدراك لا تستتبعه حركة نحو الفعل .ولكن الحنان فهم شامل ،وفعل مؤثر .
وفي الحنان عطف ولكنه ليس عطفا فحسب ،أحيانا يكون العطف تأثرا بموقف ،ولكن لا يستوجب بالضرورة تغيير الموقف،أما الحنان فهو شعور إيجابي بالعطف يؤدي بالضرورة إلى التدخل وتغيير الموقف ...
الحنان إذن معنى كبير يتصل بالكون ذاته ..
هو معنى كوني .
وهو في تصوري علم شمولي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها ،وهو درجة من درجات الحب التي يؤتاها الأنبياء مباشرة من الله .
ومثلما أوتى العبد الصالح في قصة موسى علما من لدن الله ،فكذلك أوتى يحيى عليه السلام حنان من لدن الله .
ومن المدهش أن الحنان رغم ثرائه وتركيبه وتعقيده صفة تحملها المرأة أحيانا أكثر مما يحملها الرجل ،وتطيقها المرأة أكثر مما يطيقها الرجال رغم قوتهم .
وأعظم مجال للحنان عند المرأة هو مجال الأمومة ،ومجال الزواج .
ان ما تؤديه الأم لأبنائها دون قصد أو إرادة يبلغ درجات من التضحية لايقدر عليها رجال كثيرون رغم القصد والإرادة
وما تستطيع الزوجه أن تؤديه لزوجها في مجال الحنان هو الذي يجعل الرجال يخوضون أعظم المعارك عنفا من أجل القيم العليا دون تضرر ،وهو الذي يجعل الرجال يتحملون أنواء الحياة ومتاعبها صابرين ...
ماهو السبيل إلى كسب صفة الحنان وممارستها في الحياة ؟؟
إن الطرق التي تؤدي إلى الحنان كثيرة ومتعددة ،لكن أقصر مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم
والطريق إلى الحنان ،وهو معنى كوني يستوجب الوقوف أولا بين يدي خالق الكون ..بعد ذلك يرق القلب الإنساني ويعرف هذا الشيء الرائع الذي يسمونه الحنان...
تحياتي