إن الحياة العصرية بمتطلباتها تدفع بالكثير من الناس وخاصة فئة الشباب بالجري وراء الحديث عن الموضة والأزياء والأحذية حتى ولو كانت هذه الموضة ذات آثار سيئة. وخير دليل على ذلك هو الانتشار الواسع للأحذية ذات الكعب العالي والمقدمة الضيقة بين الفتيات والسيدات في جميع أنحاء العالم ليس لأنها مريحة وعملية بل لأنها الموضة. هذه الأحذية ذات الكعب العالي والمقدمة الضيقة هي السبب الرئيسي في ظهور وتطور المرض المعروف بوعكة إبهام القدم (Bunions) التي هي عبارة عن تورم في الناحية الداخلية من قاعدة إبهام القدم مع انحراف للإبهام إلى الخارج وتشوه وبروز واضح عند قاعدة الإبهام وهكذا تنقلب الموضة ضد طالبها لتصبح تشوهاً دائماً وواضحاً في القدم تدفعه المريضة ثمناً للأناقة. والحالة بالطبع تنتج عن الإصرار والمداومة على لبس هذه الأحذية ولكن هناك بعض الأمراض الطبية الأخرى التي قد تساهم في ظهور هذا المرض مثل بعض الأمراض الروماتيزمية أو الأمراض الوراثية أو ارتخاء العضلات والمفاصل وهي حالات نادرة كذلك فإن المصابين بالقدم المسحاء (FLATFOOT) يكونون أكثر عرضة لوعكة إبهام القدم. الأعراض والتشخيص عادة ما تشتكي المريضة من تورم في قاعدة إبهام القدم يزداد مع مرور الوقت ويصاحبه انحراف في الإبهام للخارج واحمرار في المنطقة الداخلية من الجلد عند قاعدة الإبهام وآلام في هذه المنطقة هذه الآلام تزداد عند المشي وعند استخدام الأحذية الضيقة وقد تستمر بالتطور ببطء لعدة سنوات قبل أن تصبح مزعجة وواضحة لدرجة تدفع المريضة لمراجعة الطبيب أما التشخيص فعادة ما يكون بعد الفحص السريري وعمل أشعة سينية للقدمين معاً في وضعية الوقوف حيث يظهر بوضوح مكان التشوه ودرجة الانحراف وإذا ما كانت هناك خشونة في مفصل الإبهام. الخطة العلاجية في الحالات الخفيفة عادة ما نبدأ بالعلاج التحفظي الذي يتكون من الامتناع عن ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي والمقدمة الضيقة واستبدالها بأحذية ذات كعب منخفض ومقدمة واسعة وأرضية وبطانة لينة بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام قطعة بلاستيكية طبية مصنوعة من مادة السيليكون الطري بين أصبع إبهام القدم والأصبع الذي بجانبه حيث تساعد على تعديل الانحراف في الإبهام عند لبسها كما يمكن استخدام الأدوية المسكنة للآلام والأدوية المضادة للالتهابات عند اللزوم واستخدام المراهم المرطبة للجلد على المنطقة المريضة للتخفيف من تهيج والتهاب الجلد المريض كما أن تخفيف الوزن يساعد على تقليل الضغط الذي يتعرض له الإبهام المريض وبالتالي قد يساعد على تخفيف الآلام. التدخل الجراحي عندما يفشل العلاج التحفظي في إزالة الآلام وعندما يزداد التشوه ويصبح مزعجاً فإن التدخل الجراحي يكون هو الحل الوحيد لأن أنواع العلاج الأخرى مثل العلاج الطبيعي والربطات والجبائر لا تنفع في هذه الحالات والعلاج الجراحي يكون الهدف منه هو إزالة الورم العظمي في قاعدة الإبهام وإعادة عظام الإبهام لوضعها الطبيعي وإزالة الانحراف فيها وكذلك عمل تعديل في الأربطة والأوتار المحيطة بالإبهام لكي تحافظ على الوضعية الصحيحة. هذه الجراحة يمكن عملها بأكثر من طريقة واحدة ولكن المحصلة النهائية هي إزالة التشوه بإذن الله وهي من الجراحات البسيطة ذات اليوم الواحد وعادة ما تستغرق حوالي الساعة الواحدة وتتم عن طريق جرح بسيط لا يتجاوز الأربع أو خمس سنتيمترات وتتم خياطته بطريقة تجميلية حتى لا تترك أثراً وبعد العملية يمكن للمريض المشي باستخدام عكاز طبي لمدة أربعة أسابيع ثم يمكنه المشي بشكل طبيعي وعندما يتم إجراء هذه العملية بطريقة صحيحة وعلى يد جراح ماهر فإن نسبة نجاحها تتجاوز التسعين في المئة بإذن الله. وفي معظم الحالات يفضل أن يتم إجراء قدم واحدة ثم يتم إجراء الجراحة في القدم الأخرى بعد ثلاثة شهور حتى يتمكن المريض من الحركة بسهولة بمساعدة العكاز. الوقاية خير من العلاج وهذا مهم جداً لتفادي مشاكل القدم بصفة عامة وذلك عن طريق استخدام الأحذية الصحية وتجنب الأحذية ذات الكعب العالي والمقدمة الضيقة والأرضيات القاسية كذلك فإنه يجب مراجعة الطبيب عند الشعور بالآلام واستمرارها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تطور هذه المشاكل بإذن الله.
18.08.13 20:49
