“إن الطيور على أشكالها تقع” هو مثل قالته العرب قديماً وسرى في الآفاق إلى يومنا هذا، لكن ما هو أصله وإلى ماذا يدل؟
ما أصل مقولة “الطيور على أشكالها تقع”؟ كل من عاش في الأرياف، وجاب القرى والبوادي، يعرف بأن كل طير لمثيله يصفر ويُغرد، إذ إن الحمام لا يجتمع مع الصقور، وبدايتاً من هذا الأمر صار المثل يُطلق على المتشابهين من البشر في السلوك. كما ويشار إلى معنى هذه المقولة، هو أن الطيور على أشكالها أو أمثالها تقع أي تحد وتنزل، أي على شبيهاتها في العيش وفي الوزن وفي التغريد والتناسل والتوليد وعلى بني جنسها في لعبها وفي حسها.
قول آخر كما أن هناك قول آخر، يشير إلى أن الطيور على أشكالها تقع، بمعنى أنه رغم شكلها الذي يساعدها على الطيران بجناحيها وريشها وجسدها فإنها تقع على الأرض وتتحطم. يعني نقول هذا المثل على الشخص العالِم الذي يخطئ، وعلى الثري عندما يفلس، وعلى القوي عندما يبكي.
السائد هو التوافق الرجال يختارون شريكات الحياة اللواتي لهم ملامح قريبة منهم، وفقا لما قالته دراسة أعدتها جامعة ترير الألمانية. كما أن الغرب قالوا مثلاً قريباً من المثل الذي قالته العرب، وهو “birds of feather flock together”، وفي ذلك إشارة إلى توافق بين المجتمعات في كثير من أشيائها. دعونا نتوقف قليلاً عن الشكل والمظهر، ولننظر للأفكار والجوهر، فالقرآن المجيد في آياته الكنوز الثمينة وفي سورة النور يقول الحق تبارك وتعالى “الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات”. هذه الآيات الكريمة تُشير إلى أن الخصائص التي تميز هذا تجعله يقترب من ذاك، ويتوافق معه، كلاً وفق طبعه، شرير لشرير وطيب لطيب وخبيث لخبيث وصافي النفس لصافي النفس مثله.
وفي عالم الأفكار شيئا مثل ذلك اليوم حين تنظر إلى الفضاء الإلكتروني الذي نرتاده صبحاً ومساءً تجد تلمح صدق تلك المقولة فكل زمرة تميل إلى زمرتها وفقاً لفلسفتها الفكرية ووفقا لطبيعتها البشرية. وكل يعبر عن ذاته ومضمونه ويميل لمن هم مثله في التوجهات والرؤية للأشياء.