لن أكون ذئباً ولن تأكلني الذئاب
ذات يوم نصحني أحدهم قائلاً : إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب .
وطلب مني أن أفكر في الاستفادة من هذا المثل الشهير
في حياتي كي أعيش في عالمي بقوة وثبات .
فكرت في كلامه وهممت بأن أبدأ بالتدرب كي أصير ذئباً
لأن الذئاب والمخادعين منتشرون حولي دائماً وعانيت منهم كثيراً .
حاولت أن أرسم مخططاً لأعيش فيه كذئب في عالمي القاسي
الذي باتت تحكمه شريعة الغاب تماماً .
يأكل فيه القوي الضعيف ويمسحه من الوجود ويبني سعادته
ومجده على حساب ذلك الضعيف .
درست طريقة تفكير الذئاب حيث الهجوم المفاجئ والمكر والخداع
والمراوغة قبل غرز الأنياب في اللحم بلا شفقة ولا رحمة
لكنني وجدت الذئب هنا أكثر رحمة من كائن جديد يظهر بقوة
اليوم ألا وهو الذئب البشري .
كائن يشبهنا له جلدنا نفسه وتكويننا نفسه ، مظهر خارجي رائع
ومميز ولسان عذب وكلمات منمقة .
ولكن قلبه قلب ذئب يخدعك بطريقة عصرية ويصطادك بأنياب
غدره فجأة ودون سابق إنذار.
وهكذا حاولت أن أدرس طريقة تفكير الكائنين معاً الذئب والذئب
البشري كي أوازن بين كوني بشرياً ورغبتي في أن أصير ذئباً
كي لا تأكلني الذِئاب .
بدأت أولاً بتغيير طريقة تفكيري العاطفية وحولت العاطفة الصادقة
إلى كذبة جميلة ومنمقة وشهوة مقنعة بقناع من الحب والصدق
ثم بدأت بالاهتمام بمظهري الخارجي ، حلاقة جديدة عصرية
تجمع بين الرزانة والحيوية وملابس أنيقة وعطور فاخرة
وبعدها تعلمت بعض الحيل والخدع الكلامية و كنت فقط أضع اللمسات الأولية وأدرب نفسي تدريجياً ولم أنفذ شيئاً بعد .
وبينما كنت أهم بالتنفيذ نظرت في المرآة فوجدت شخصاً لا أعرفه !
لم أر نفسي في المرآة وشعرت بأنني أنظر إلى أعماقي وكأنها
سجينة في جسد آخر غير جسدي .
شعرت بالخوف من نفسي وفكرت بعمق وروية وفكرت كثيراً
راجعت كل ما مر بي من أحداث طوال حياتي ، تذكرت كل شخص خانني ومكر بي وخدعني وما أكثرهم لكنني عندما فكرت بهم
وجدتهم أقل بكثير من أن أغير نفسي لأجلهم .
نعم لا يستحق أحد من هؤلاء أن أتحول بسببه إلى ذئب .
أنا لست ذِئباً أنا إنسان !
نعم إنسان ومسلم وعلمني ديني القيم أن أكون بعون أخي الإنسان ،
أمرني ربي عز وجل أن أدفع السيئة بالحسنة وأوصاني نبيي
الكريم صلوات الله و سلامه عليه بالإحسان إلى سابع جار .
لن أكون ذِئباً مهما فعلتم يا ذئاب البشر ،
سأبقى كما أنا صادقاً ووفياً ومخلصاً ومتسامحاً
لن أكون ذِئباً ولن تأكلني الذِئاب