عضو vip
إحصائيةالعضو | | | عدد المساهمات : 7056 | نقاط : 77824 |
|
|
| موضوع: من هم القوم الذين أرسل عليهم الجراد والطوفان والقمل من هم القوم الذين أرسل عليهم الجراد والطوفان والقمل من هم القوم الذين أرسل عليهم الجراد والطوفان والقمل
صور جراد
مَن هم هؤلاء القوم الذين أرسل الله عليهم هذا العقاب المذكور في هذه الآية (فأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)؟
هذا النص القراني الكريم جاء في اوائل الثلث الاخير من سوره الاعراف, وهي سوره مكيه, وعدد اياتها(206) بعد البسمله, وهي من طوال سور القران الكريم, واطول السور المكيه علي الاطلاق, واول سور القران الكريم تعرضا بشيء من التفصيل لقصص عدد من الانبياء والمرسلين السابقين لبعثه خاتمهم( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين).
وقد سميت السوره بهذا الاسم لوجود الاشاره فيها الي الاعراف, وهي اسوار مضروبه بين الجنه والنار للحيلوله بين اهليهما, تكريما لاهل الجنه, وامتهانا لاهل النار.
ويدور المحور الرئيسي للسوره الكريمه
حول العقيده الاسلاميه القائمه علي اساس من التوحيد الخالص لله( تعالي) بغير شريك, ولاشبيه, ولامنازع, ولاصاحبه, ولا ولد, والتسليم الكامل بعبوديه جميع الخلق لله( سبحانه وتعالي) وحده, والايمان الصادق بوحي السماء, والطاعه التامه لاوامر الله المنزله علي فتره من الرسل والتي تكاملت في القران الكريم وفي سنه النبي الخاتم( صلي الله عليه وسلم).
وهذه العقيده الاسلاميه التي تشكل صلب الدين الذي يرتضيه ربنا( تبارك وتعالي) من عباده ولايرتضي منهم دينا سواه علمها ربنا( سبحانه وتعالي) لابينا ادم( عليه السلام) لحظه خلقه, ثم انزلها علي سلسله طويله من انبيائه ورسله(000 ر120 نبي وثلاثمائه وبضعه عشر رسولا), واكملها, واتمها, وحفظها في الرساله الخاتمه التي انزلها علي خاتم انبيائه ورسله( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين) ولذلك بعثه شاهدا, ومبشرا, ونذيرا للناس اجمعين الي يوم الدين, وتعهد بحفظ رسالته في نفس لغه وحيها( اللغه العربيه) فحفظت علي مدي اربعه عشر قرنا او يزيد وسوف تبقي محفوظه الي قيام الساعه تحقيقا لوعد الله الذي قطعه علي ذاته العليه فقال( عز من قائل): {انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون}( الحجر:9)
وابرزت سوره الاعراف ازليه عقيده التوحيد في ردود عدد من انبياء الله ورسله علي اقوامهم بالقول السديد: {...ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره.. }
والتي ترددت اربع مرات في هذه السوره الكريمه علي لسان كل من نوح, وهود, وصالح, وشعيب( علي نبينا وعليهم وعلي جميع انبياء الله السلام), واتبعت هذه الدعوه المباركه في كل مره بتحذير او تقريع شديد, وذلك من مثل قول نوح( عليه السلام) لقومه: {.. اني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم}( الاعراف:59) والي قول نبي الله هود لقومه: افلا تتقون( الاعراف:65)
والي قول كل من صالح وشعيب( عليهما السلام) الي قوميهما:{... قد جاءتكم بينه من ربكم...}( الاعراف:85,73)
ولقد سبق لنا عرض سوره الاعراف في اكثر من مقال, ولذلك اكتفي هنا بذكر كل من ركائز العقيده والاشارات الكونيه والتاريخيه في هذه السوره المباركه.
من ركائز العقيده الاسلاميه في سوره الاعراف
(1) الايمان بالقران الكريم وحيا خاتما منزلا من عند الله( تعالي) علي خاتم انبيائه ورسله, وضروره الدعوه الي الايمان به, والانذار من عاقبه التنكر له, او محاوله انكاره, وتحمل كل حرج في سبيل ذلك لانه يمثل مواجهه كل صور الباطل المنتشره في ارجاء الارض بالحق الوحيد الذي لايرتضي ربنا( تبارك وتعالي) من عباده دينا سواه, ومقابله كل صور الكفر, والشرك, والضلال, والظلم, والفساد, والطغيان, بالتوحيد الخالص لله, وخشيته وتقواه, واستبدال العديد من النظم الجائره, والاوضاع الفاسده, والانحرافات عن منهج الله في مجتمعات الناس باقامه عدل الله في الارض, وتاسيس القواعد لمراقبته وتقواه. (2) التسليم بان الله( تعالي) منزه عن الشريك, والشبيه, والمنازع, والصاحبه, والولد, وعن كل وصف لايليق بجلاله.
(3) اليقين بما انزل الله( تعالي) بالعاصين من افراد الامم السابقه من مختلف صور العقاب المذكوره في محكم كتابه والتسليم بحتميه مساءله المرسلين والمرسل اليهم. (4) الايمان والتسليم بحتميه البعث والحساب والجزاء في الاخره, ثم الخلود فيها اما في الجنه ابدا او في النار ابدا.
(5) التسليم بان الله( تعالي) مستحق للشكر الدائم علي عظيم نعمائه, وان من صور هذا الشكر الخضوع له بالطاعه وبالعباده كما امر. (6) الايمان بقصه الخلق, وبان الله( تعالي) هو الخالق, الباريء, المصور, وبكرامه الانسان مادام مطيعا لاوامر ربه, وبعداوه الشيطان للانسان ومحاوله غوايته كما فعل مع كل من ابينا ادم وامنا حواء, وبان ادم( عليه السلام) قد تاب واناب( وكذلك امنا حواء) وان الله( تعالي) قد قبل توبتهما, وبان احدا من ذريتهما لايحمل شيئا من وزرهما,علي الرغم من تخرص المتخرصين, وزعم بعض الجهله من المشركين وان الانسان مطالب دوما بمعصيه الشيطان وبالحذر من غوايته.
(7) اليقين بان الله( سبحانه وتعالي) قد حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن, والاثم والبغي بغير الحق, كما حرم الشرك به, وان يقول العباد علي الله( تعالي) مالا يعلمون, وحرم الاسراف وغيره من صور الافساد في الارض.
( التسليم بان الاجال محدده, وانه لايستطيع احد من المخلوقين تغييرها.
(9) الايمان بانه من اتقي واصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون, وان من كذب بايات الله واستكبر عنها فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون, لان ذلك من اعظم صور الظلم للنفس. (10) الايمان بما جاء في كتاب الله الخاتم من وصف لاحوال كل من اهل الجنه واهل النار.
(11) اليقين بان دعاء الله( تعالي) تضرعا وخفيه من اعظم العبادات قبولا من الله. (12) الايمان بجميع رسل الله ورسالاته دون ادني تفريق او تمييز, وبوحده كل تلك الرسالات التي دعت الخلق الي توحيد الخالق( سبحانه وتعالي), وبان الارض لله يورثها من يشاء من عباده, وان العاقبه للمتقين.
(13) التسليم بان خاتم الانبياء والمرسلين( صلي الله عليه وسلم) مرسل للناس جميعا, وان ذكره قد جاء في كتب الاولين من اهل الكتاب, وان انكره المنكرون, وفي ذلك يقول الحق( تبارك وتعالي): {الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراه والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون* قل ياايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون*} (الاعراف:158,157).
(14) الايمان بان لله الاسماء الحسني التي لايجوز ان يدعي الا بها, وان الذين يلحدون في اسمائه فسيجزون ما كانوا يعملون.
(15) اليقين بان الساعه علمها عند الله( تعالي) وحده, لايعلمه الا هو, وانها ثقلت في السماوات والارض, وانها لا تاتي الناس الا بغته. (16) الايمان بان الملائكه لايستكبرون عن عباده الله, وانهم يسبحونه وله يسجدون.
من الاشارات العلميه في النص الكريم
جاء في سوره الاعراف عدد كبير من الايات الكونيه والتاريخيه التي يمكن ايجازها دلالاتها فيمايلي: (1) الاشاره الي فجائيه العقاب الالهي( باس الله) كما يتضح من قوله( تعالي): {وكم من قريه اهلكناها فجاءها باسنا بياتا او هم قائلون}( الاعراف:4) ويتاكد نفس المعني في الايات97 99 من نفس السوره.
(2) التاكيد علي عمليه التصوير بعد الخلق وفي ذلك يقول ربنا( عز من قائل): {ولقد خلقناكم ثم صورناكم.....}( الاعراف:11). (3) الاشاره الي خلق الجن من نار وخلق الانس من طين:{.. قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}( الاعراف:12).
(4) الاشاره الي حقيقه العداوه بين كل من الشيطان والانسان, والي مرحليه وجودهما علي الارض وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي): {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الي حين* قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون*} ( الاعراف:25,24).
(5) الاشاره الي السرعه الفائقه التي كانت الارض تدور بها حول محورها امام الشمس في بدء الخلق, والي ان جميع اجرام السماء( من مثل الشمس والقمر والنجوم) مسخرات بامر الله الذي له الخلق والامر وفي ذلك يقول( عز من قائل): {ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين} (الاعراف:54)
(6) التاكيد علي ان الله( تعالي) هو الذي يرسل الرياح, ويكون السحب, وينزل المطر, ويخرج النبت والشجر والثمر, وانه( تعالي) سوف يخرج الموتي بنفس طريقه اخراج النبت من الارض وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي): {وهو الذي يرسل الرياح بشري بين يدي رحمته حتي اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتي لعلكم تذكرون} (الاعراف:57)
(7) الاشاره الي ان البلد الطيب يخرج نباته باذن ربه, وان الذي خبث لا يخرج الا نكدا( الايه58 من سوره الاعراف).
( الاشاره الي عدد من الانبياء والمرسلين السابقين علي بعثه خاتمهم( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين), وعرض خلاصه دعوتهم الي اقوامهم, وتفاعل هؤلاء الاقوام مع تلك الدعوه, وذكر عدد من المعجزات التي ايد الله( تعالي) بها نبوه انبيائه, وصدق رسالات رسله, واستعراض عدد من صور العقاب الذي انزله الله( تعالي) بالكفار والمشركين من تلك الاقوام, والكشوف الاثريه المتتاليه تؤكد صدق القران الكريم في كل ما جاء به عن ذلك وغيره.
(9) التاكيد علي ان الطبع علي القلوب يوقف السمع.
(10) ذكر ارسال خليط من العذاب الذي انزله ربنا( تبارك وتعالي) علي فرعون مصر واله وكان فيه الطوفان والجراد, والقمل, والضفادع, والدم, وهو خليط لا يقوي احد من الخلق علي مقاومته الا ماشاء الله( تعالي).
(11) الاشاره الي ان للارض عددا من المشارق والمغارب.
(12) ذكر تظليل قوم موسي بالغمام, وهم في التيه ضائعون في قلب شبه جزيره سيناء, والاشاره الي انزال المن والسلوي عليهم.
(13) ذكر معجزه مسخ عدد من منافقي, ومشركي, وكفار بني اسرائيل الي قرده وخنازير.
(14) الاشاره الي اذلال عصاه بني اسرائيل عبر التاريخ( والي يوم القيامه), بواسطه من يسومهم سوء العذاب, عقابا لهم علي كفرهم, وشركهم, وافسادهم في الارض والله سريع العقاب, وهو الغفور الرحيم لمن تاب واناب. (15) التاكيد علي تحريف اليهود للتوراه التي جاءهم بها موسي( عليه السلام) وفي ذلك يقول الحق( تبارك وتعالي): فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ياخذون عرض هذا الادني ويقولون سيغفر لنا وان ياتهم عرض مثله ياخذوه الم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لا يقولوا علي الله الا الحق ودرسوا مافيه والدار الاخره خير للذين يتقون افلا تعقلون!! (16) الاشاره الي حقيقه من حقائق علم الوراثه وهي خلق جميع البشر من نفس واحده. وجعل زوجها منها, وتكدس الشفرات الوراثيه للبشريه كلها في صلب ابينا ادم( عليه السلام) لحظه خلقه, وان الله( تعالي) قد اشهد تلك الذريه الادميه وهي في عالم الذر بحقائق الربوبيه والالوهيه والوحدانيه المنزهه عن كل وصف لا يليق بجلال الله.
(17) دعوه الناس جميعا الي النظر في ملكوت السماوات والارض, والتعرف علي خلق الله( سبحانه وتعالي) واستخلاص العبر من ذلك.
وكل قضيه من هذه القضايا تحتاج الي معالجه مستقله, ولذلك فسوف اقصر حديثي هنا علي النقطه الثانيه عشره والتي جاءت في الايه الثالثه والثلاثين بعد المائه من سوره الاعراف, وقبل التعرض لما جاء فيها من دلالات علميه اري ضروره الاستعراض السريع لاقوال عدد من المفسرين في شرح هذه الايه الكريمه.
من اقوال المفسرين
في تفسير قوله( تعالي): {فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين*}( الاعراف:133).
ذكر ابن كثير( رحمه الله) ما مختصره: فارسلنا عليهم الطوفان).. عن ابن عباس: كثره الامطار المغرقه المتلفه للزروع والثمار, وعنه هو كثره الموت, وقال مجاهد الطوفان) الماء والطاعون, واما الجراد فمعروف مشهور.. واما( القمل) فعن ابن عباس: هو السوس الذي يخرج من الحنطه...
وجاء في بقيه التفاسير كلام مشابه لا اري حاجه الي تكراره, خاصه وان اغلبهم كان قد استند في تفسير هذا النص القراني المعجز علي شيء من الاسرائيليات ومن الروايات المنقوله عن اهل الكتاب والتي لا سند لها, ولا اصل ولا دليل يدعمها.
من الدلالات العلميه للنص الكريم
اولا: الطوفان:
الطوفان كل حادثه تحيط بالانسان وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثره سواء كان هذا الماء بسبب الماء الغالب الذي يغشي كل شيء فيدمره تدميرا كما يحدث في حالات السيول الجارفه او فيضانات الانهار المغرقه او انصهار الجليد, او تفجر الماء من تحت سطح الارض اوطغيان البحار, وذلك لان الطوفان الذي اصاب قوم نوح كان بسبب ماء كل من الارض والسماء, وفي ذلك يقول ربنا( تبارك وتعالي): {ولقد ارسلنا نوحا الي قومه فلبث فيهم الف سنه الا خمسين عاما فاخذهم الطوفان وهم ظالمون}( العنكبوت:14).
ويقول( عز من قائل): {وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت علي الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين}( هود:44).
ولسنا ندري علي وجه التحديد اسباب الطوفان الذي ارسله الله( تعالي) علي قوم فرعون, فلم نجد في الاحاديث المرفوعه الي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) شيئا عنها, ونري ان من الواجب الوقوف عند حدود النص القراني مادمنا لم نجد في السنه المطهره تفسيرا له, وذلك تجنبا للوقوع في الاسرائيليات التي لا سند لها. واغلب الظن هنا ان السبب في طوفان قوم فرعون كان كثره الامطار المغرقه, والسيول الجارفه التي اتلفت الزروع والاشجار ودمرت المساكن والمنشات والطرقات, وادت الي فيضان النيل الذي ساعد في هذا الاتلاف والتدمير. وذلك لانه لا يوجد دليل من الصخور الرسوبيه او الرسوبيات يشير الي طغيان البحر الابيض المتوسط في ذلك الزمن علي ارض مصر, ولا يوجد اثر لتفجر الماء من تحت سطح الارض, ولم تكن ارض مصر مكسوه بالجليد الا في ازمنه غابره تمتد الي الفتره بين500 مليون سنه مضت, و400 مليون سنه مضت علي وجه التقريب( في الفتره الزمنيه الفاصله بين العصرين الاوردوفيشي والسيليوري). وقد وردت روايات شتي في شان النص القراني الذي نحن بصدده رواها الامام الطبري في تفسيره, وفي كتابه عن التاريخ, ولكن يبدو انه علي روعه الجهد الذي بذله قد اعتمد في ذلك علي عدد غير قليل من الاسرائيليات.
ثانيا: الجراد(Locusts):
( الجراد) اسم جنس لمجموعه من الحشرات المستقيمه الاجنحه, والتي تجمع في رتبه بهذا الاسم( رتبه مستقيمات الاجنحه=(Orthoptera, وتضم بالاضافه الي الجراد مجموعه كبيره من الحشرات منها نطاط الحشائش, والحفار, والصرصار( الصرصور) وغيرها.
وواحده الجراد( الجراده) وهو لفظ يطلق علي كل من الانثي والذكر, فيقال انثي الجراده, وذكر الجراده, كما يقال ذكر الجراد وانثي الجراد.
ويوضع الجراد مع نطاط الحشائش(GrassHopper) في عائله واحده تعرف باسم عائله الجرادياتFamilyAcrididae وتتميز الحشرات فيها بالفم القارض, والاجنحه المستقيمه, وبالقدره الفائقه للحشره البالغه علي التجمع في اسراب كبيره,والهجره عبر مسافات طويله.
ويتراوح طول الحشره البالغه من الجراد بين السنتيمتر والعشره سنتيمترات, ويصل عدد الجراد المهاجر في السرب الواحد الي عشرات البلايين, مما يجعله يغطي مساحه تقدر باكثر من الف كيلومتر مربع, بكتله تقدر بالاف الاطنان, وياكل مثل هذا السرب في اليوم الواحد قدر وزنه من المزروعات, ومن هنا كانت تسميه هذه الحشره الخطيره باسم( الجراد) وهو اسم مستمد من الفعل( جرد) بمعني ازال وكشف, وعري,وقشر, يقال جرد الجراد الارض جردا) اي اكل جميع ما عليها من نبات حتي تجردت من غطائها الخضري كما( يجرد) المرء عن ثيابه, و(الجراده) بضم الجيم ما قشر عن الشيء اي ازيل عنه, و(الجريد) هو السعف الذي( جرد) منه الخوض اي نزع عنه, و(التجريد)هو التعريه من الثياب,و(التجرد) هو التعري من الثياب او من غيرها.
وتهاجر اسراب الجراد علي ارتفاعات مختلفه من سطح الارض, فمنها ما يطير علي ارتفاعات منخفضه لا تتجاوز الثلاثمائه متر فوق مستوي سطح البحر في طبقات مستويه من الجراد المتراص بكثافات تتراوح بين مليون وعشره ملايين جراده في الكيلومتر المربع الواحد,( الاسراب الطباقيه), ومنها مايصعد الي ارتفاعات تصل الي الف متر فوق مستوي سطح البحر في هيئه تراكميه ياخذ فيها سرب الجراد شكل السحب الركاميه فيسمي باسمها( الاسراب الركاميه) يتوزع فيها الجراد في اكوام منها القمم السامقه, والسفوح الهابطه,والاوديه الفاصله, وبكثافات اقل من كثافه الاسراب الطباقيه يتراوح فيها توزيع الجراد بين الالف والمائه الف جراده في الكيلومتر المربع, وتساعد تيارات الحمل في الغلاف الغازي للارض الهواء علي اعطاء اسراب الجراد المهاجره علي ارتفاعات عاليه هذه الاشكال الركاميه ولذلك يختلف شكل سرب الجراد الركامي في هجرته من وقت الي اخر باختلاف التيارات الهوائيه التي تواجهه, وان كان الجراد بفطرته يقود سربه مع الاتجاه الرئيسي للرياح السائده او في اتجاه ممرات الهواء التي يتحرك الريح الرئيسي صوبها. وغالبا ما تهاجر اسراب الجراد في النهار, وتحط في الليل علي المزروعات والاشجار تلتهم منها كميات كبيره تعينها علي استئناف الهجره في الصباح التالي.
وتتحرك اسراب الجراد بانضباط شديد تحت قياده صارمه, فتتحرك مقدمه السرب قبل مؤخرته باستمرار, وتحط قبلها, حتي تحدد اتجاه السرب ومواقع الهبوط ولحظات الانطلاق في كل يوم. وتبدا دوره حياه الجراد بوضع البيض في اماكن محدده, ورعايته حتي يفقس في حدود شهر مايو من كل سنه لتخرج منه الحوريات التي تقوم بعمليه الانسلاخ من جلدها عده مرات حتي تصل الي حجم الحشره البالغه التي تحيا في باديء الامر حياه فرديه, ثم تمر بمرحله انتقاليه لتكوين جماعه, ثم تنتهي بمرحله الهجره الجماعيه التي تقطع فيها اسراب الجراد المهاجر مسافات شاسعه تمر خلالها بمناطق التكاثر الصيفي,والشتوي, والربيعي حتي تعود الي مناطق تكاثرها الاولي التي انطلقت منها. وهذه الحشرات تصل الي مرحله البلوغ عاده في الفتره من منتصف شهر يوليو الي منتصف شهر سبتمبر من كل سنه. وعلي الرغم من علمنا بدوره حياه الجراد الا ان غاراته لا يمكن التنبؤ بها قبل بدئها, فقد يبقي الجراد في منابته الاصليه ويقوم بتكاثر محدود دون هجره لفترات طويله ودون الخروج من اسرابه المعتاده, ثم يعاود تسارع تكاثره بشكل ملحوظ وتنظيم اسرابه لمفاجاه البدء بالهجره الجماعيه.
ومنابت الجراد ليست دائمه باستمرار, بل تتغير من فتره الي اخري, وان كانت هناك احزمه معروفه لغزوات الجراد كما ان هناك احزمه محدده تكثر فيها الهزات الارضيه.
وللجراده قدره فائقه علي الطيران لمسافات طويله تصل الي مائه كيلو متر في اليوم, وذلك بما حباها الخالق( سبحانه وتعالي) به من قوه عضليه فائقه بالنسبه الي حجمها, وتمكنها هذه القوه العضليه غير العاديه من خفق جناحيها لفترات متصله تتراوح بين الست ساعات والست عشره ساعه مما يعينها علي اجتياز كل العوائق المائيه والتضاريسيه. والطاقه اللازمه لهذا الجهد الخارق للعاده تستمد من تمثيل كل من المواد الكربوهيدراتيه التي تحصل عليها مما تلتهمه من غذاء اولا, ثم مما تختزنه في جسمها الناحل من دهون.
ويقوم الجراد بهضم المواد النباتيه التي يقرضها من كل من الزروع والاشجار بنهم شديد, ويستخلص ما بها من مواد سكريه ونشويه وسيليولوزيه وزيتيه ودهنيه, ويحللها الي مكوناتها الاساسيه في عمليات من الهضم والايض المعقده, ومن امثله ذلك ان الله( تعالي) قد اعطي للجراد القدره علي استخراج غاز الايدروجين من الدهون المختزنه في جسده, وعندما يصل ذلك الي دمه وتتم عمليه احتراقه بواسطه الاكسيجين الجوي يتكون الماء في داخل جسم الجراد بالقدر الذي يحتاج اليه خلال رحله طيرانه الطويله دون الحاجه للنزول الي الارض من اجل الارتواء, وذلك لانه يستهلك كميات كبير من الماء اثناء طيرانه لايكفيه فيها ما ياخذه من النباتات الغضه التي يلتقمها بشراهه كبيره.
ومن هذا الاستعراض الموجز للجراد يتضح ان هذه الحشره من جند الله التي يسخرها( سبحانه وتعالي) علي من يشاء من عباده عقابا للمجرمين من العصاه الفاجرين, وابتلاء للصالحين, وعبره للناجين( فاعتبروا يا اولي الابصار...).
ثالثا: القمل(Lice):
القمل من الحشرات غير المجنحه التي تجمع في طويئفه تسمي باسم طويئفه الحشرات غير المجنحه او للسهوله باسم طويئفه غير المجنحات(SubclassApterygata) وتضم هذه الطويئفه حشرات صغيره الحجم, عديمه التحول بمعني ان الحشره في مراحلها الاوليه تشبه الحشره البالغه الي حد كبير علي الرغم من ضاله حجمها وعدم اكتمال اعضائها التناسليه ويقع القمل من هذه الطويئفه في رتبه خاصه تتميز بعدم وجود قرون شرجيه ولذا تسمي باسم رتبه عديمه الذنب(Anoplura). وهذه الحشرات غير مجنحه, وذات قرون استشعار قصيره وتضم انواعا كثيره من القمل مثل قمل الانسان, قمل الطيور, قمل النحل, قمل النبات, قمل الخشب, قمل الكتب, وغيرها, وكلها حشرات ضئيله الحجم, بنيه غامقه او مصفره اللون, يصل طول الحشره البالغه منها الي ثلاثه ملليمترات في المتوسط.
ومن القمل انواع ماصه كالتي تحيا علي اجساد الثدييات وانواع قارضه كالتي تحيا علي اجساد الطيور,ولكل حيوان ثديي نوعه الخاص من القمل الماص, ولقمل الانسان( وهو من النوع الماص) سلالتان: قمل الراس وقمل الجسم, والاخير يمثل افه شديده الضراوه في ايذاء الانسان وشديده الضرر به لانها تنقل اليه الجراثيم المسببه للعديد من الامراض التي من اخطرها مرض التيفوس الوبائي, اما قمل الراس فيكثر في الصغار عنه في البالغين, وفي رءوس الفتيات عنه في رءوس الفتيان.
ويلتصق بيض القمل القارض اما في الشعر الخاص بكل من الانسان والحيوان, واما في ريش الطيور. ويموت القمل بسرعه اذا ازيل عن عائله, ولكن نظرا لجلده السميك, وارجله القويه, وفكوكه القارضه, ومخالبه الكبيره التي يستخدمها في التعلق بجسد عائله او بشعره فان ازالته عن جسم العائل تستلزم جهدا غير قليل.
والقمل القارض(Mallophaga) لا يمتص الدم بل يتغذي من نتاج الجلد كالقشور, واجزاء الشعر او الريش, ونتيجه لاغتذائه بهذه الطريقه فانه يسبب تهيجا شديدا للعائل الذي يتعيش علي جسده او راسه, وبفعل الاحتكاك الناشيء عن مخالبه فانه يسقط بعض الريش عن جسم الطائر الذي يتطفل عليه.
والقمل الماص(Siphuncularta) يعيش علي اجسام كل من الانسان والحيوان( خاصه الحيوانات الثدييه), ولكل حيوان ثديي نوعه الخاص من القمل الماص.
والقمل كغيره من المخلوقات هو جند, من جند الله, يسلطه علي من يشاء من عباده, عقابا للظالمين من الكفره والمشركين, والغلاه المفسدين في الارض, والمتجبرين علي الخلق, وابتلاء للصالحين, واختبارا لصبرهم ولرضائهم بقضاء الله وقدره, واعتبارا للناجين الذين راوا ذلك راي العين ولكن لم يصبهم من اذاه شيء.
رابعا: الضفادع(Frog,Toad,Rana):
الضفادع من البرمائيات عديمه الذيل التي تجمع في طويئفه تحمل نفس الاسم: طويئفه البرمائيات عديمه الذيل او للاختصار طويئفه عديمات الذيلSubclassAnura(=Salientia) وتتميز الضفادع بارجلها الخلفيه الطويله القويه المهياه للقفز, والارجل الاماميه القصيره, والاقدام الجلديه المعده للسباحه. وبعض الضفادع تحيا حياه بحريه وان استطاعت العيش علي اليابسه, والبعض الاخر يحيا اساسا علي اليابسه مع امكانيه العيش في الماء, والذي يعيش من الضفادع علي اليابسه يحيا علي الاشجار او يدفن نفسه في اوحال الارض, والضفدع له لسان طويل, لزج, ومرتبط بمقدمه الفم ليصطاد به فريسته من الحشرات, والديدان وغيرها بمفاجاه وبسهوله مهما كانت بعيده عنه, ومعظم الضفادع لها اسنان في فكها العلوي. وتبدا دوره حياه الضفدع بوضع البيض الملقح في الماء, ورعايته حتي يفقس, وتخرج اليرقات التي تتنفس اولا بالخياشيم, وهذه اليرقات ليس لها اقدام, ومع نموها تاخذ شكل الضفدع الكامل وتبدا في التنفس بواسطه الرئتين وتحصل علي الاوكسجين اللازم لعمليه التنفس عبر كل من الجلد الرطب وبطانه الفم الرطبه.
ونقيق الضفادع من الاصوات المزعجه للانسان لانه يسمع عبر مسافات طويله تقدر بالاميال, والكيس الصوتي المتضخم للذكر في بعض انواع الضفادع قد يزيد في طوله علي بقيه الجسم مما يضاعف من شده نبرات نقيقه. ليس هذا فقط بل ان بعض الضفادع قد يحمل للانسان عددا من الفيروسات التي تصيب كلا من الكبد والكلي, ولذلك كان من الاخطار التي تهدد حياه الانسان خاصه ان الضفادع تؤكل في بعض الدول مثل فرنسا.
خامسا: الدم(Blood):
الدم سائل احمر اللون, غليظ القوام, سريع التخثر, يتكون اساسا من كرات الدم الحمراء والبيضاء بالاضافه الي العديد من الصفيحات, والجسيمات الاخري, ويعوم ذلك كله في سائل اصفر باهت يعرف باسم البلازما, ويقوم الدم بنقل كل من الغذاء والاوكسجين والهرمونات الي مختلف اجزاء الجسم, ويجمع منها الفضلات, كما يقوم بمحاربه كل الجراثيم التي تدخل الي الجسم, ويساعد علي اندمال الجروح وفي المحافظه علي درجه حراره الجسم.
والدم اذا سال خارج الجسم سرعان ما يتعفن وينتن بسبب ما يحمله من فضلات وجراثيم, ولذلك حرم طعامه, ولذلك ايضا كان تسليطه كعقاب من الله( تعالي) لفرعون موسي واله الذين لم يؤمنوا برساله الله ولا برسوله اليهم. ولسنا ندري ماهيه هذا الدم الذي عوقبوا به, ولكن في روايه عن سعيد بن جبير جاء فيها:... لما اتي موسي فرعون قال له: ارسل معي بني اسرائيل, فابي عليه, فارسل الله عليهم الطوفان وهو المطر فصب عليهم منه شيئا, فخافوا ان يكون عذابا, فقالوا لموسي: ادع لنا ربك ان يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني اسرائيل, فدعا ربه حتي اوقف الطوفان,, فلم يؤمنوا, ولم يرسلوا معه بني اسرائيل, فانبت لهم في تلك السنه شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والثمر والكلا. فقالوا: هذا ما كنا نتمني, فارسل الله عليهم الجراد فسلطه علي الكلا, فلما راوا اثره في الكلا عرفوا انه لا يبقي الزرع. فقالوا: يا موسي ادع لنا ربك فيكشف عنا الجراد نؤمن لك ونرسل معك بني اسرائيل, فدعا ربه فكشف عنهم الجراد, فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني اسرائيل. فداسوا( اي درسوا) واحرزوا في البيوت, فقالوا: قد احرزنا, فارسل الله عليهم القمل وهو السوس الذي يخرج من الحبوب المخزونه فكان الرجل يخرج عشره اجربه اي اربعين قفيزا الي الرحي فلا يرد منها ثلاثه اقفزه( والجريب والقفيز مكيالان للحبوب, والجريب اربعه اقفزه).
فقالوا: يا موسي ادع لنا ربك يكشف عنا القمل, فنؤمن لك ونرسل معك بني اسرائيل, فدعا ربه فكشف عنهم, فابوا ان يرسلوا معه بني اسرائيل. فبينما هو جالس عند فرعون اذ سمع نقيق الضفدع, فقال لفرعون: ما تلقي انت وقومك من هذا؟ فقال: وما عسي ان يكون كيد هذا؟ فما امسوا حتي كان الرجل يجلس الي ذقنه في الضفادع, ويهم ان يتكلم فتثب الضفادع في فيه. فقالوا لموسي: ادع لنا ربك يكشف عنا هذه الضفادع, فنؤمن لك ونرسل معك بني اسرائيل. فكشف عنهم فلم يؤمنوا. فارسل الله عليهم الدم, فكانوا ما استقوا من الانهار والابار, او ما كان في اوعيتهم وجدوه دما عبيطا( طريا), فشكوا الي فرعون فقالوا: انا قد ابتلينا بالدم, وليس لنا شراب, فقال: انه قد سحركم! فقالوا: من اين سحرنا, ونحن لا نجد في اوعيتنا شيئا من الماء الا وجدناه دما عبيطا( طريا)؟
فاتوه فقالوا: يا موسي ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم, فنؤمن لك, ونرسل معك بني اسرائيل. فدعا ربه, فكشف عنهم, فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني اسرائيل.
ومع ايماننا الكامل بقدره الله( تعالي) علي كل شيء, تلك القدره البالغه غير المحدوده بحدود, ومع وقوفنا امام هذا الحديث باجلال كبير الا اننا لا نقول فيه شيئا توقيرا لرسول الله( صلي الله عليه وسلم) علي الرغم من ان الحديث غير مرفوع اليه.
وهذه الايات المشتمله علي العقاب بالطوفان الذي يؤدي الي الهدم والغرق, ثم بالجراد الذي ياكل الاخضر واليابس من النباتات والثمار والمحاصيل الغضه, ثم بالقمل الذي يقضي علي المخزون من الحبوب والمحاصيل وينقل العديد من الامراض, ثم بالضفادع التي تزيل النوم من الجفون بنقيقها المزعج وقدرتها علي نقل العديد من الامراض كذلك, وبعد ذلك كله بالدم النتن المليء بالنفايات الجسديه والفيروسات والجراثيم التي تجعل الحياه حقا مستحيله هي صوره من صور العذاب الالهي الشامل لمجموعه من الكفره والمشركين, والغلاه المتجبرين في الارض فيها من التسلسل المنطقي, والشمول والاحاطه باحداث تاريخيه وقعت قبل بعثه المصطفي( صلي الله عليه وسلم, باكثر من الفي سنه ما يشهد للقران الكريم بانه كلام الله الخالق, الذي انزله بعلمه علي خاتم انبيائه ورسله, وحفظه بعهده في نفس لغه وحيه( اللغه العربيه) علي مدي اربعه عشر قرنا او يزيد والي ان يرث الله( تعالي) الارض ومن عليها, وما يشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوه وبالرساله فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي اله وصحبه وعلي من تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. |