ظاهرة وحوش الفضاء “الثقوب السوداء ” التي تبتلع النجوم
عالم الفضاء هو عالم ملئ بالألغاز، ومهما حاول العلماء من اكتشاف المزيد والمزيد من الاكتشافات فإنهم لن يستطيعوا التوصل إلى كل ما خلقه الله عز وجل في هذا الكون، فالكون بحر واسع لن نستطيع الإلمام بكل تفاصيله، حتى أن العقل لم يتمكن من معرفة هذا الكم الهائل من الحقائق، حتى أن كوكب الأرض الذي نعيش جميعنا عليه ما هو إلا حبة رمل في هذا الكون، فنحن على كوكب الأرض لا نرى من السماء إلا جمالها فقط ولكن لا نعلم عما وراءها من الأحداث والمجرات والأجرام ..بل والأهوال التي يصعب على العقل تخيلها وإدراكها، ومن أكثر هذه الأهوال التي حيرت حتى علماء الفضاء هو ما يسمي بوحوش الفضاء أو ” الثقوب السوداء” والتي تم اكتشافها مؤخرا حتى صارت من أهم الأخبار التي تتحدث عن الفضاء، فما هي الثقوب السوداء؟ ولماذا سميت بوحوش الفضاء؟ ولماذا تثير الجدل إلى هذا الحد؟ هذا ما سوف نجيب عنه في السطور التالية
ما هي الثقوب السوداء؟
تعرف الثقوب السوداء على أنها مناطق ذات كثافة هائلة تنتج عن انهيار نجم على نفسه فيصبح ذا قوة جذب كبيرة تبتلع كل ما يحيط بها من أجرام، ولا يفلت منها حتى الضوء الذي يمر بقربها، ولا يمكن رؤيتها بالتليسكوب لأنها تبدو بقعا مظلمة ولا ينعكس الضوء منها حيث تبلغ كتلة الثقوب السوداء ما بين مليون إلى مليار مرة كتلة الشمس.
أما حجم الثقوب السوداء فمن الممكن أن تكون كبيرة أو صغيرة، ويعتقد العلماء أن أصغر الثقوب السوداء تكون بحجم ذرة واحدة، ولها كتلة ككتلة الجبال الشاهقة، والمعروف عن الكتلة أنها مقدار المادة الموجودة بالجسم، ويمكن التقريب أكثر لصورة الثقوب السوداء لتشبيهها بالدوامات التي تحدث في البحار بفعل العواصف والأعاصير فتبتلع كل ما يصادفها من أجسام وأحياء وحتى سفن كبيرو لتهوى بها في قاع البحر.
مكونات الثقوب السوداء
توحي كلمة الثقب الأسود بأنه فراغات سحيقة تبتلع كل ما يمر بها، ولكن في الحقيقة هي أماكن يكون تركيز المادة فيها هائلا ومن الصعب تصوره، حيث يكون هو سر جاذبيته الهائلة، فهي عبارة عن كتل هائلة مضغوطة من المادة، سميت بالثقوب لأنها تشبه الثقوب فكل ما يمر بها يدخل ويختفي، ولكل ثقب أسود مجال يسمى بمجال ” اللاعودة” وهو المجال الذي يسمح بمرور الأجسام مهما كان حجمه أو سرعته أي أنه من الممكن أن يبتلع نجما أو كوكبا ومن الممكن أن يبلغ أي جسم في حجم ذرة.
كيف تكونت الثقوب السوداء؟
توصل العلماء إلى أن أصغر الثقوب السوداء قد تكونت عندما بدأ الكون، وأن الثقوب النجمية تتكون عندما ينهار مركز نجم على نفسه، مما يؤدي إلى حدوث ظاهرة ” سوبرنوفا” وتحدث هذه الظاهرة عندما ينفجر نجم دافعا جزء منه في الفضاء، أما الثقوب السوداء الهائلة فقد تكونت في نفس الوقت الذي تكونت فيه المجرة التي تحتوي على تلك الثقوب السوداء.
ومن الصعب تمكن العلماء من رؤية الثقوب السوداء وهذا يرجع إلى قوة جاذبيته حيث تسحب الضوء لوسط الثقب الأسود، ويمكن للعلماء رؤية تأثير جاذبية الثقب الأسود على النجوم والغازات الموجودة حوله، كما يتمكن العلماء دراسة النجوم لمعرفة إن كانت هذه النجوم حول أحد تلك هذه الثقوب، وعندما يقترب ثقب أسود ونجم من بعضهما ينتح ضوء عالي الطاقة وهذا الضوء لا يمكن رؤيته بالعين البشرية، لذلك يستخدم العلماء أقمار صناعية وأنواع معينة من التلسكوبات ليتمكنوا من رؤية هذا الضوء عالي الطاقة.
آخر الاكتشافات العلمية المتعلقة بالثقوب السوداء
عرفت الثقوب السوداء في الماضي من خلال اكتشافات العلماء على أن بعض منها تحيط به هالات ضخمة من الغازات أطلق عليها ” دونت” أي كعكة وذلك بسبب شكلها الذي يشبه الكعكة، كما ظن العلماء أنها متجانسة ومنتظمة، ولكن العلماء مؤخرا في وكالة ناسا قد اكتشفوا اكتشافا حديثا من خلال نوع جديد من التليسكوبات وهو أن الهالات المحيطة ببعض الثقوب السوداء أشد كثافة وسماكة مما يعتقدون وأنها غير متجانسة بل مختلفة الكثافة وغير منتظمة وأنها ليست مجرد اسطوانة بسيطة تشبه الكعكة.
حقائق مهمة عن الثقوب السوداء
1- إذا دخل أي جسم داخل الثقب الأسود فلن يستطيع الخروج منه .
2- يمكن للثقب الأسود ابتلاع النجوم بأكملها حيث يسقط بداخله كل شيء .
3- تكون الجاذبية لا نهائية في مركز الثقب الأسود .
4- في مركز كل مجرة يوجد ثقب أسود هائل وملايين من الثقوب السوداء الصغيرة .
5- الثقوب السوداء خفية تماما وبداخله قوانين الفيزياء ليس لها أي معني .
6- يتكون الثقب الأسود عندما ينفجر نجم كبير الحجم.
الإعجاز القرآني سبق الحديث عن الثقوب السوداء
اختصر القرآن الكريم ظاهرة الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط وهي (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16] ، فالخنس هي التي اختفي حتى أن الشيطان سمي بالخناس لأنه لا يرى من قبل البني أدمين، والجوار أي التي تتحرك وتجري بسرعة بالغة، والكنس هي التي تكنس كل ما يقترب منها وتجذبه إليها، وحتى العلماء منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد منهم يتوقع أن في السماء نجوما تجري وتكنس وتجذب كل ما يواجهها وأن هذه النجوم لا ترى أبدا، ولكن القرآن العظيم قد حدثنا من قبل وبدقة علمية هائلة ليثبت للجميع أن القرآن يسبق العلماء في الحديث عن الحقائق الكونية التي هي من خلق الله عز وجل، فسبحان ربي العظيم..