خرج أحد الملوك يتنزه فرأى فلاحا يحرث الأرض، وهو مسرور يغني في نشاط وإبتهاج، فسأله الملك: أيها الرجل أراك مسرورا بعملك في هذه الأرض، فهل هي أرضك؟. فقال الفلاح: لا يا سيدي إنني أعمل فيها بالأجرة. قال الملك: وكم تأخذ من الأجر على هذا التعب؟. قال الفلاح: أربعة قروش كل يوم. قال الملك: وهل تكفيك؟. قال الفلاح: نعم تكفيني وتزيد: قرش أصرفه على عيشي، وقرش أسدد به ديني، وقرش أسلفه لغيري، وقرش أنفقه في سبيل الله. قال الملك: هذا لغز لا أفهمه. قال الفلاح: أنا أشرح لك يا سيدي: أما القرش الذي أصرفه على عيشي فهو قرش أعيش منه أنا وزوجتي. وأما القرش الذي أسدد به ديني فهو قرش أنفقه على أبي وأمي فقد ربياني صغيرا وأنفقا عليّ وأنا محتاج وهما الآن كبيران لا يقدران على العمل. وأما القرش الذي أُسلفه لغيري فهو قرش أنفقه على أولادي أربيهم وأطعمهم وأكسوهم حتى إذاكبروا فهم يردون إلينا السلف حين نكبر. أما القرش الذي أنفقه في سبيل الله فهو قرش أُنفقه على أختين مريضتين. فقال الملك: أحسنت يا رجل وترك له مبلغا من المال، وتركه وهو متعجب من حكمة رجل بسيط.