خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منّا .. خلقنا ليخلع علينا من كمالاته ..
فهو السميع البصير
وقد أعطانا سمعاً وبصراً
وهو العليم الخبير
وقد أعطانا العقل لنتزود من علمه
والحواس لنتزود من خبرته ..
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا ..
فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد
أما العبودية لله فهي على العكس
أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم
ويخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات .. فحينما يقول الله
"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم وأمنحهم حبا وخيراً
وكرامة وعزه
وأخلع عليهم ثوب التشريف والخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا ..
ونحن المحتاجون إلى هذه العبادة والشرف ،
والمواهب والخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد
ونبقى في حضرته ما شئنا وندعوه ما وسعنا ..
بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة ونقول " الله أكبر "
نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه
بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟
وفي ذلك يقول العبد الصالح
الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل:
حسب نفسي عزّا أنني عبد ... يحتفي بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز ولكن ... أنا ألقى متى وحين أحب
ويقول .. أروني صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم
( يقصد الصلوات الخمس ) وتتعرض للتلف ؟؟
وهذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك
"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "
ولو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول والإعجاب.