لا تعلم آية كم مر عليها من الوقت وهى فى ذكرياتها وأحزانها ولكنها لاحظت بأن مشروب الكاكاو أصبح بارداً جداً .. فنظرت له وهى معاتبةٌ لنفسها على سرحانها الذى أنساها المشروب المفضل لديها ... ووجدت صوتاً يقول لها :
حاتم : بتبصى للكوباية كدة ليه .. هى ذنبها انك مشربتيهاش .. ايمن نبهك ان الكاكاو هيبرد ولازم يتشرب سخن عشان انتى عايزة تدفى .. وانتى قلتى ماشى بس برده الكوباية لسة متشربش منها الا شفطة .. آية : شفطة .. حاتم : اه شفطة .. ايه اول مرة تسمعى الكلمة دى .. آية : لا ابدا عارفاها وصماها وحفظاها .. حاتم : طيب اشربيه بقى بارد .. وعموما هو ممكن يتشرب ساقع كأنه عصير .. آية : انا هروح اخليهم يعملولى واحد تانى .. حاتم : هما مين دول .. آية : بتوع الكافتيريا هيكون مين يعنى ..
كان أيمن مستيقظاً وحاضر ذلك الحوار فقال لها ..
أيمن : لا اقعدى انتى ياآنسة انا هقوم اجيبلك واحد تانى .. آية : لا معلش كفاية تعبك لما جيبته اول مرة .. أيمن : ياستى وماله نتعبلك تانى .. عن اذنكم دقايق وراجع ..
نهض أيمن من كرسيه وهو منبسط العينين وفرحاً وقائلاً لنفسه : ياواد ياأيمن يالعيب ... سهلها ياااااااارب ..
يسود بعض الصمت قليلاً حتى يقطع ذلك الصمت حاتم متسائلاً ..
حاتم : معلش انتى ممكن تعتبرينى متطفل .. ممكن اسأل سؤال ؟ آية : اتفضل .. حاتم ( فى خجل ) : بس هو سؤال شخصى .. آية : يبقى عرفته .. حاتم : طب هو ايه ؟ آية : هتقولى مسافرة لوحدك ليه ؟ حاتم ( فى خجلٍ أكبر ) : ايوة بالظبط .. ده كان سؤالى .. آية : مسافرة لوحدى لانى ببساطة يتيمة .. ابويا مات وانا عندى 4 سنين وماما ماتت السنة اللى فاتت بمرض السرطان وماليش اخوات وعايشة لوحدى ..
حاتم ( فى خجل أكبر وأكبر ) : انا اسف .. آية : وتتأسف ليه .. هو انت يعنى كنت عارف وبتستهبل .. حاتم : بتستهبل .. ياللا ما علينا .. طيب يعنى ملكيش عم أو خال .. آية ( فى سخرية ) : عندى طبعا .. دول كتير .. اكتر من الهم على القلب .. حاتم : طب ومقعدتيش عند حد منهم ليه .. آية : باختصار انا ضيفة تقيلة عندهم .. حاتم : لا حول ولا قوة إلا بالله .. طب انتى هتستقرى عند جدك يعنى .. آية : لا طبعا مش هستقر انا رايحاله زيارة كل سنة .. حاتم : ليه انتى بتش..... آية ( مقاطعة ) : فى ايه ياأستاذ .. اسئلتك كترت اوى .. مش فاهمة اللى يهمك اروح واللا مروحش لية اهل واللا ماليش .. حاتم : انا اسف ..
وما هى إلا ثوانى حتى جاء أيمن فوجد آية مدير وجهها ناحية نافذة القطار وهى عابثة الوجه وحاتم ينظر لها فى غضب ..
أيمن : ايه ياجماعة هفك خناقة تانى ؟ آية ( فى حدة ) : ليه يعنى ؟ مفيش خناقة ولا حاجة .. حاتم ( فى حدةٍ أكبر ) : متبقاش تضايق الانسة تانى ياأيمن وتسأل فى اى حاجة .. أيمن ( فى تعجب ) : انا !! بس انا مسأ...... حاتم ( مقاطعاً ) : انا بقولك عشان تعمل حسابك مش بقولك انك سألت .. اصلى سبق وسألت وخدتلى كلمتين حلوين .. أيمن ( فى سره ) : يادى النيلة .. وانا اللى قلت هسيبلهم فرصة .. نابى طلع على شونة .. آية : ميرسيه ياأستاذ أيمن على تعبك .. أيمن : ياستى مفيش تعب ولا حاجة .. اى حاجة انتى عيزاها قوليلى وانا هجيبهالك على طول ..
تسند آية رأسها على ظهر كرسيها وتبدأ فى ذكرياتها من جديد .. فى حين أن السرحان والشرود قد رجع إلى حاتم مرةً أخرى وهو مازال ينظر إلى آية .. وتلك المرة يفكر فى طريقتها العنيفة معه .. ويقارن بينها وبين عبير .. تلك الفتاة الرقيقة التى لم يصدر منها صوتاً عالياً قط ..
******************** [size=32] عندما تذكر عبير .. تجددت آلامه .. تجددت ذكرياته .. عبير وذلك الضوء الذى يلازمها أينما كانت .. تلك العينان اللتان تشعان حيوية وحناناً وحباً .. نعم إنها تحبنى .. هكذا حدثنى قلبى .. إنها تنظر لى، ليس لرجلٍ سواى .. هى من طلبت التعرف علىّ .. إذن فهى تحبنى .. ولكن لماذا لم تأتى بالميعاد ياعبير ...
مر يومان لم أرى فيهما حبيبتى .. أشعر بضيقٍ وتوتر ... أريد أن أراها .. أين هى ... وإذ بذلك الصوت الأنثوى الرقيق يهتف قائلاً ...
عبير : يمكن تكون زعلان منى .. حاتم ( ولم يصدق أنها أمامه ) : انا كنت زعلان .. لكن لما شوفتك واطمنت عليكى راح الزعل .. عبير : انت مجامل اوى ياحاتم ... حاتم : انا مبعرفش اجامل .. انا بقول الحق ... عبير : طيب مش عايز تعرف انا مجتش ليه .. حاتم : ياريت أعرف .. ان مكنش يضايقك .. عبير : اصلى زعلت من نفسى اوى .. حاتم ( فى لهفة ) : ليه ؟ عبير : عشان جيت وطلبت منك نتعرف .. حسيت انى بفرض نفسى عليك عشان كدة مجتش .. حاتم : لا بالعكس .. ربنا عالم انا مبسوط قد ايه .. انا من زمان نفسى اتعرف عليكى ونبقى .... نبقى ... عبير : نبقى ايه .. اصحاب ؟ حاتم : اصحاب ؟! اه اه نبقى اصحاب .. ولو مكنتيش انتى جيتى كنت انا اللى هاجى واتعرف عليكى .. عبير : يعنى مزعلش من نفسى ؟! حاتم : لا خالص .. انا بجد مبسوط انى عرفتك .. تشربى ايه ؟ عبير ( بمرح ) : طب ما تقولى تتغدى ايه ؟ واللا انت اتغديت فى الشغل ؟! حاتم : انا مكنش عندى نفس بقالى يومين بس فعلا دلوقتى انا جعت .. تاكلى معايا ؟ عبير : اكل معاك .. ياللا ويبقى عيش وملح .... حاتم وعبير : ههههههههههههههههههههه ...[/size]