الأسماك الإستوائية ذو العقول الصغيرة يمكنها أن تمييز بين الوجوه البشرية عند عرضها في مجموعة، وهذا ما اكتشفه الباحثين، وهذه هي المرة الاولى التي تظهر فيها مثل هذا القدرة في الأسماك، فالتعرف على وجوه البشر مهمة صعبة جدا، وذلك بسبب أن الوجوه البشرية كلها تقريبا لها نفس السمات الأساسية، والتعرف على الوجه يتطلب الفروق الدقيقة المميزة في ملامح الوجه، وهذا ما قاله كلا من الباحثين كايت نيوبورت عالم الحيوان، وماري كوري زميل أبحاث في جامعة أكسفورد.
في الواقع، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن القليل من الحيوانات المختارة بما في ذلك الخيول والأبقار والكلاب وحتى بعض الطيور مثل الحمام يمكنها إكمال هذه المهمة بنجاح، فكل تلك الحيوانات مع ذلك لديها القشرة المخية الحديثة، أو بنية تشبه القشرة المخية الحديثة، وقد لاحظ الباحثون أن القشرة المخية الحديثة هي جزء من المخ الذي يحتوي على منطقة تجهيز البصرية، فضلا عن التلفيف المغزلي، والذي يعتقد أنه يشترك بشدة في تجهيز الوجه وتحديد ملامحه.
معظم الحيوانات التي تم اختيارها للإختبار تمتلك القشرة المخية الحديثة، وقد تم استئناس هذه الحيوانات، وربما نتيجة لذلك تعرضت هذه الحيوانات لضغط تطوري كي تتعرف على أصحابها من مقدمي الرعاية، وهذا ما ذكر من قبل الباحثين في مجلة التقارير العلمية.
- كيفية تدريب الأسماك : لمعرفة ما اذا كان الحيوان لديه مخ بسيط، أو هل يفتقر الى القشرة المخية الحديثة، أو هل يمكنه التمييز بين أوجه البشر، فقد اتجه الباحثون الى سمكة الأرشر فيش والاسم العلمي لها (Toxotes chatareus)، حيث كتب الباحثون أن هذه الأنواع من الأسماك يعرف عنها أنها تعتمد على الرؤية في تعيين الحيوانات البرية التي تحلق في الهواء مثل الحشرات، وتقوم هذه الأسماك باخراج نافورة من رذاذ الماء تصوبها نحو الفريسة في الهواء لتضربها بها، وقد قام نيوبورت وزميلته الباحثة ماري كوري بتدريب سمكة الأرشر فيش لتحديد الصورة الصحيحة لوجه انسان على شاشة الكمبيوتر فوق الحوض الخاص بهذه السمكة، وكانت السمكة تبصق نافورة من الماء عند الصورة القريبة اليها.
تدريب الأسماك للتعرف على وجه الأشخاص قد يستغرق وقتا طويلا، ولكنه ليس صعبا كما يعنقد البعض بل أنه يمكن أن يكون نوعا من الفن، وهذا ما ذكره الباحثين، ويعتبر هذا مشابه جدا في الواقع مثل تدريب الكلاب، فعند تدريب الكلاب على الجلوس مثلا تقوم بإعطائه بسكويت في كل مرة يجلس فيها لتشجيعه على الجلوس، وبالمثل، فإن الأسماك يبصقون بشكل طبيعي في الأشياء في البيئة المحيطة بهم، ونقوم بتعزيز هذا السلوك الطبيعي بإطعامهم عندما تصيب الصورة التي نريدها.
عندما تم تدريب الأسماك كي تتعرف على وجه الانسان، فقام الباحثون بوضع الصورة المختارة في مجموعة تتألف من 44 صورة غير مألوفة، وكانت الأسماك تخرج نافورة الماء في اتجاه الصورة الصحيحة بنسبة 81% من عدد المرات الكلية، وحتى وحد الباحثون ملامح الوجه الظاهرة مثل شكل الرأس، واستخدام الصور الأبيض والأسود أخرجت أسماك الأرشر فيش رذاذ الماء بدقة نحو الصورة الصحيحة بنسبة 86%.
- الأسماك الذكية ؟ قال الباحثون أن النتائج توحي بأنه ليس هناك حاجة الى المخ المتطور للتعرف على وجه البشر، وقال الباحث نيوبورت ومع ذلك، فإن الأسماك على الأرجح لا تتم تجهيز صورة وجه الانسان بنفس الطريقة المعروفة عند البشر، والبشر عندما يتعرفون على وجه البشر، فهم لا يوفرون فقط المعلومات عن هوية الشخص ولكن أيضا مجموعة كاملة من المعلومات الأخرى مثل نوع الجنس، والعمر، والصحة، ومن غير المرجح أن الأسماك تحصل على نفس المعلومات، وبدلا من ذلك، فمن المرجح مجرد تعلم هذه المهمة نمط متميز ومعقد.
الأسماك ربما لا تجمع معلومات الوجه المعقدة، ولكن عقولهم الصغيرة كانت تميز الأنماط المعقدة، ولأنهم قادرين على تمييز وجه واحد من كثيرين، فهذا يعني أنهم اضطروا إلى استخدام ميزات معقدة نسبيا من الوجوه، وعلاوة على ذلك، فإنها يمكن أن تذكر تلك الوجوه، وفي الحقيقة أننا قادرون على تدريب الأسماك وتوضيح أن لديهم ذاكرة رائعة للصور المفصلة وأن هذه الذكريات الماضية أكثر كثيرا من 3 ثوان.