20.04.18 12:23 | فجر الشتاءرقم المشاركة : ( 1 ) |
عضو vip
إحصائيةالعضو | | العمر : 29 | عدد المساهمات : 6322 | نقاط : 113712 |
|
| موضوع: فجر الشتاء فجر الشتاءبعد أن اختفت خيوط الشمس خلف الجبال، مستسلمة لسطوة الظلام ... تهافتت الضحكات مرتقية للسماء، تتمايل النسائم نحو تلك القصيرة .. تداعب شعرها الذي اختلط بسواد الليل !
-"توقفي مكانك!!...لا تبتعدي عني! أخشى ان تسقطي الآن "
قال جملته باقتضاب مما جعلها تتوقف عن الضحك وتسدير اليه لتتحول خطواتها ، فتمشي للخلف وتقول:
-"أنت بطيء...ما ذنبي أنا؟!" -"خاتون!!...أنا جلبتك الى هنا والآن أعيدك!"
زمت شفتيها وتوقفت عن المشي...حتى صار بجانبها ، احتضنت ذراعه وقالت:
-"الآن لن تخاف علي من الابتعاد ما رأيك؟"
ابتسم ، بل ضحك على حركاتها الطفولية تلك ثم قال وهو يحرك شعرها بعشوائية:
-"مجنونه!!"
اظهرت اسنانها خلف ابتسامتها وكأنها تخبره أنها فخورة بجنونها فهز رأسه بقلة حيلة ثم سحب ذراعه منها وقفز فوق المنحدر المرتفع بعض الشيء...مد يده اليها وقال:
-"هيا تمسكي بيدي وحذاري من السقوط"
مدت يدها اليه فاقبض عليها جيدا ، قفزت بحذر مستعينة بيده الأخرى ثم قالت:
-"هذا المكان جيد .. ما رأيك؟"
نظر حوله، لقد أصبحا فوق التلة ... وضوء البدر ينير المكان بشكل تام فالرؤية سهلة، ابتسم وهز رأسه ثم جلس على الأرض متربعا...جلست بجانبه وقالت بنغمة رقيقة:
-"شكرا!"
نظر لعينيها متسائلا عن سبب الشكر فأكملت:
-"شكرا لأنك ساعدتني على القدوم الى هنا، حقا .. لولاك لبقيت في المنزل اتحسر !"
ابتسم لها متذكرا ما حدث...اليوم ستمر الشهب في السماء بحادثة فلكية سنوية، وكانت هي متحمسة جدا لرؤيتها لكن لم تجد مكانا خاليا من الاضواء، فاقترح عليها ان يأتي بها لهذه التلة...فيشاهدان الشهب كلاهما...كانت سعيدة جدا لهذا وشكرته عدة مرات...قال:
-"لا داعي للشكر...لم آتي الى هنا من أجلك، فأنا أريد رؤيتها أكثر منك...وإلا لما خاطرت ببقائي معك في مكان واحد!...أخاف منك!"
رفعت حاجبيها بتفاجؤ ثم ضيقت عينيها وقالت بهمس:
-"الآن أنا مخيفة؟!" -"طبعا مخيفة...انظري الى نفسك في المرآة ولن تلوميني على كلامي!"
اخذت حجرا من الأرض وكادت ترميه عليه لكنها امسكت اعصابها واخذت نفسا عميقا فأطلق هو ضحكة عالية جدا...يحب أن يرى غضبها ، يحب استفزازها ... فلعصبيتها رونق خاص! ابتسمت لضحكته لكنها سرعان ما عبست مجددا...توقف عن الضحك ونظر اليها، قبل جبينها وقال بلطف:
-"أمزح معك أميرتي...القمر يخجل من جمالك"
اكمل جملته وتمدد على العشب واضعا يديه خلف رأسه...بينما كسا الخجل خديها وابتسامتها فصمتت انفاسها....نظرت اليه ثم تمددت بجانبه وحولت بصرها للأعلى ... معطيان السماء جل انتباههما همست بعد عدة ثواني:
-"المنظر خلاب جدا...النجوم كثيرة!...لم أتخيل السماء هكذا!" -"اضواء المدينة تمنع عنا سحر الليل...انا آتي الى هنا عادة، أدمنت النجوم...ولا يمكنني الابتعاد عنها كثيرا!" -"هل يعني هذا أنك احضرتني لمكانك الخاص؟"
التفت اليها فتلاقت اعينهم...ابتسم وقال:
-"ممـ ...أظن ذلك!"
اعادت نظرها للسماء وهي تقول:
-"انا سعيد ة بك!"
ما كادت تنهي جملتها حتى صرخت بصوت عالي وبحماس:
-"انظر ... رأيت شهابا!...يا اللهي كم هو رائع!"
ضحك لحماسها ونظر الى حيث تشير...
حركت رأسها تجاهه...فاختفت النجوم، واختفت السماء ، واختفى هو! خرجت من ذاكرتها لتعود الى الواقع...الشيء الوحيد الذي رأته أمامها هو ضوء المنضدة الخافت بجانب سريرها!...اتسعت ابتسامتها مع انزلاق دمعة يتيمة من عينها.. جلست من نومها وامسكت هاتفها، توجهت مباشرة الى محادثاتها القديمة معه...قرأتها بتمعن...تأملت كل حرف من حروفه، ضحكت عند احدى الرسائل ثم خرجت من المحادثة واحتضنت الهاتف... لماذا الظروف قاسية؟... انها لا تعترف بالمشاعر أو الصداقات...لا تعترف بالذكريات ولا بالاحلام....انها فقط تجبرنا على السير خلفها بالقوة! سافر هو...وظلت وحيدة هنا، ليت السفر اكتفى فقط بالمسافات...ليته اكتفى بالمسافات!
اعادت فتح هاتفها وتنقلت بين الصفحات حتى وجدت "مكانهما" حيث كانت تكتب وهو يقرأ...كان يمزح وهي تضحك...المكان الذي توج شجاراتهما كلها، والتي كانت ممتعة لحد كبير جدا! همست:
-"سأكتب لك هنا...لعلك تدخل وتقرأها يوما ما"
تنهدت وسمحت لقلبها بالبوح
" أعلم أنك قريب ... سيأتي يوم تعود لي فيه، فنتشاجر بمرح كعادتنا ، سأنتظرك يا صديقي...سأنتظرك ... شخص مثلك لن يمحى من الذاكرة ، وسيظل حيا في القلب ..!"
سَتبقَى الّلحَظاتُ خَالِدةً مَا دَامَ القَلبُ يَنبِضُ .
|
| |