صفة الحج وشروطه وأركانه وواجباته .. دليل حجاج بيت الله الحرام
الحج عبادة عظيمة، وركن من أركان الإسلام، وقد فرضه الله على المسلم المستطيع في العمر مرة واحدة؛ رحمةً ورأفةً بعباده، ويحتاج الحاج إلى معرفة أحكام الحج ليعبد الله على بصيرة، وينبغي له أن يقرأ في كتب صفة الحج، ويجتهد في تحري السنة، ويحذر من التساهل، أو البحث عمَّن يفتي له من دون دليل. دليل الحج لشرح صفة الحج وأحكامه، وملخص ما يقوم به الحاج وفق السنَّة الصحيحة . شروط الحج 1-الإسلام: لقوله تعالى: «إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا». 2- العقل: فلا حج ولا عمرة على مجنون إلا أن يفيق، لقوله -صلى الله عليه وسلم- «رُفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبدأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم». 3- البلوغ: فلا يجب الحج على الصبي حتى يبلغ، لكن لو حجَّ صحَّ حجه على أنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة رفعت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيًا، فقالت: ألهذا حج؟ قال «نعم ولك أجر». 4- كمال الحرية: فلا يجب الحج على المملوك، لكنه إذا حجَّ فحجه صحيح. 5- القدرة أو الاستطاعة بالمال والبدن.
الثامن من ذي الحجة «يوم التروية» - يحرم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة، أو قربها من الحرم، وتحرم المرأة فيما شاءت، وليس لها ملابس مخصصة في الإحرام، أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين، إزار ورداء. ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة، فينوي الإحرام بالحج ويلبي، وصفة التلبية في الحج مثل صفة التلبية في العمرة، إلا أنه يقول هنا: لبيك حجًا بدل قوله: لبيك عمرة. وإن كان خائفًا من عائق يمنعه من إتمام حجه، اشترط فقال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. وإن لم يكن خائفًا من عائق لم يشترط. أنواع الحج: التمتع، والقِرَان، والإفراد التمتع: هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، وهي: شوال، ذو القعدة، عشر من ذي الحجة، ويفرغ منها الحاج، ثم يحرم بالحج من مكة، أو قربها في يوم التروية في عام عُمرته. القران: وهو الإحرام بالعمرة والحج معًا، ولا يحل منهما الحاج إلا يوم النحر، أو يُحرم بالعمرة، ثم يدخله عليها قبل الشروع في طوافها. الإفراد: وهو أن يحرم بالحج من الميقات أو من مكة إذا كان مقيمًا فيها، أو في مكان آخر دون الميقات، ثم يبقى على إحرامه إلى يوم النحر. بعدها يذهب إلى «مِنى» فيبيت فيها، ويصلي هناك خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. التاسع من ذي الحجة «يوم عرفة»
إذا طلعت الشمس من اليوم التاسع، سار إلى «عرفة»، وصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم قصرًا، ثم اجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس. - فإذا غربت سار إلى «مزدلفة»، وصلى فيها المغرب والعشاء حين وصوله، ثم يبيت فيها إلى أن يصلي الفجر، فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قبيل طلوع الشمس. العاشر من ذي الحجة «عيد الأضحى» - يسير من «مزدلفة» إلى «مِنى» ليرمي جمرة العقبة، وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبًا، ويكبِّر مع كل حصاة. - ثم يذبح الهدي: شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة. - ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة، ثم يحلق رأسه، إن كان ذكرًا، أما المرأة فحقها التقصير دون الحلق، ويكون تقصيرها بمقدار أنملة من جميع شعرها. أيام التشريق 11-12-13 من ذي الحجة
- ثم يرجع إلى «منى»، فيبيت فيها ليالي أيام التشريق، أي: ليلة الـ 11 والـ 12 من شهر ذي الحجة، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، يبدأ بالصغرى، وهي البعيدة من مكة، ثم الوسطى، ويدعو بعدهما، ثم جمرة العقبة وليس بعدها دعاء. - فإذا أتمَّ رمي الجمرات في اليوم الـ12، فإن شاء تعجَّل ونزل من منى، وإن شاء تأخر فبات فيها ليلة الـ13، ورمى الجمرات الثلاث بعد الزوال كما سبق. والتأخر أفضل. ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الـ12 وهو في «منى»، فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، لكن لو غربت عليه الشمس في منى في هذا اليوم بغير اختياره، مثل أن يكون قد ارتحل وركب، ولكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه، فإنه لا يلزمه التأخر، لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره. - فإذا انتهت تلك الأيام، وأراد السفر، لم يسافر حتى يطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط، إلا المرأة الحائض والنفساء فلا وداع عليهما. أركان الحج للحج أربعة أركان إذا سقط ركن منها بطل الحج، وهي: 1- الإحرام: هو نية الحاج بدء مناسك الحج، ولا ينعقد الحج دون هذه النية. يستدل على ذلك بحديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى». فالذي جاء من مصر يحرم من ميقات مصر من الجحفة يعني: رابغ، والذي من المدينة يحرم من ميقات المدينة، والذي من نجد يحرم من ميقات أهل نجد، والذي يأتي من اليمن يحرم من ميقات اليمن. كل إنسان يحرم من ميقات بلده، ويجب عليه إذا مر عليه بنية الحج أن يحرم من الميقات، أو بنية العمرة كذلك.
2- الوقوف في عرفة: هو الركن الثاني في الحج، قال الله تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ». 3- طواف الإفاضة : هو الطواف الذي يكون بعد إفاضة الحجاج من عرفة ومزدلفة، قال الله تعالى: «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ». كما يُطلق عليه اسم طواف الزيارة، لأن الحجاج يأتون من مِنى لزيارة البيت الحرام، ولا يبقون في مكة المكرمة بل يعودون إلى مِنى.
4- سعي الحجاج بين الصفا والمروة ، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ». واجبات الحج الواجب ، هو الذي يحصل فاعله على الثواب بينما يُعاقب تاركه، وتقسم واجبات الحج إلى: 1- الإحرام من الميقات ، ويستدل على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهن من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ». 2- وقوف الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس ، لكل حاج وقف بها في النهار، ويستدل على ذلك بحديث جابر -رضي الله عنه- حول الحج عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: «فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص». 3- المبيت في مزدلفة: حيث إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بات فيها. قال الله تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ». 4-المبيت في مِنى: هو أن يبيت الحجاج المتأخرون في منى ليالي أيام التشريق الثلاثة، أو أن يبيت المتعجِّلون ليلتين، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ».
5- رمي الجمرات: حيث ترمى الجمرات بالترتيب فترمى في يوم النحر جمرة العقبة قبل الزوال وبعده، وفي أيام التشريق ترمى الجمرات في أيامها الثلاثة بعد زوال الشمس، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إنما جُعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله». 6- التقصير أو الحلق: ويستدل على هذا الواجب بقول الله تعالى «وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ». 7- طواف الوداع: حيث طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم الوداع عندما خرج من مكة المكرمة، كما أمر صلى الله عليه وسلم الناس بهذا الطواف، ويستدل على هذا الواجب بالحديث النبوي: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرِنَّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهدِه بالبيتِ».
محظورات الإحرام: وهي الأعمال الممنوعة التي لو فعلها الحاج، أو المعتمر وجب عليه فيها فدية، أو صيام، أو إطعام، وهي: 1- حلق الشعر من أي جزءٍ من بدنه. 2- تقليم الأظفار. 3- تغطية الرأس، وتغطية الوجه من الأنثى إلا إذا مر بها رجال أجانب. 4- لبس الذكر للمخيط، وهو ما يخاط على حجم العضو، مثل الثوب والسروال ونحوهما. 5- الطيب. 6- قتل الصيد البري المأكول. 7- عقد النكاح. 8- الجماع، فإن كان قبل التحلل الأول فسد نسكهما، وإن كان بعد التحلل الأول فلا يفسد به النسك، لكن يجب في ذلك شاة. 9- مباشرة الرجل المرأة فيما دون الفرج. والمرأة كالرجل فيما سبق من المحظورات إلا في لبس المخيط فتلبس ما شاءت غير متبرجة، وإذا حاضت المرأة المتمتعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج، أحرمت به، وصارت قارنة، وليعلم أن الحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت.