16.03.20 7:40 | شرخ لفنجان قهوتيرقم المشاركة : ( 1 ) |
عضو vip
إحصائيةالعضو | عالمى الخاص | | العمر : 33 | عدد المساهمات : 3444 | نقاط : 110122 |
|
| موضوع: شرخ لفنجان قهوتي شرخ لفنجان قهوتيأضطرُّ دائمًا أن أتنازل عن جزء من الرفاهية
التي تتعلق باحتساء القهوة . فأنا لي فنجانٌ واحد, ارتبطتُ به و ارتبطَ بي لسنين
. أصابه مع " تقدّمه في السنّ " شرخ في أعلى إحدى زواياه . و بسبب هذا الشرخ لا أملأُ فنجاني " up to the brim " ( كما يقول الإنجليز ) , بل أكتفي بملئهِ إلى النصف فقط , و على مضض , على مضضٍ عظيم شديد كريه ! رغم ما أكنّه لهذ الفنجان ا من مودة و إخلاص , و لكن يحاصرني الشيطانُ أحيانًا بوساوسِه حتى أنّ رغبةً مجهولة بكسرِه تملّكَتني أكثر من مرة حين لم يمكّنّي هذا الشرخ " اللعين " من التمتع بارتواءٍ كامل و غير مُجَزَّأ بقهوتي الحبيبة . تأخذُني به شفقة مردُّها " سنّه " و عجزُه و " الخبز و الملح " الذي بيننا . ثمّ أ من المعقول أن ألومه على الشرخ ؟ من يدري أي يدٍ لعينةٍ كانت ملساء حين حمَلَته فانزلق منها و قُبيل ارتطامهِ الكُلّي بالأرض التقطَته و لكن بعد أن نال " قُبلة " من الأرض سريعة حدثَ على إثرها هذا الشرخ ؟ لا ألومُه .. ! كيف ألومه ؟ أُدرك حتمًا أنه لو أراد الإنتحار و الخلاص مني لفعل ذلك منذُ زمَن , فجميعهم يعرفون صلتي " الحميمة " به . و أي شخصٍ منهم أُغضِبه لابدّ أن تُزيّن لهُ نفسهُ الأمّارة بالإنتقام الذهاب رأسًا إلى حيثُ يرقدُ الفنجان ( في زاوية لا يؤثّثها سواه ) ثم حملِه باشمئزاز ليس هو مبعثه بقدر ما يكون كُرهُ هذا الشخص لي هو الباعث عليه , و كلما عظُم هذا الكُره كلما اشتدَّت قوى اليد التي تحمِله و التي تنوي بشراسة , لا تمتُّ بأي صلة لأي رأفة و رحمة إنسانيّتَين , أن تُسقطه . لكن ما يُعزّيني بعد هذا التفكير المتشنِّج المغتاظ
هو أن الشرخ ليس كبيرًا على النحو الذي يوحي أن الذي رمى الفنجان
( هذا إن سلّمت تسليمًا لا ريب فيه أن الشرخ هو نتيجة هذا الفعل اللئيم ) يكرهني كرهًا عظيمًا
. و لأنّ الشرخ نوعًا ما صغير تافه فهذا يعني أن الذي رمى الفنجان كان فقط ينوي إخافَتي لا أكثر أو ربما ينوي أن يقول لي عن طريق هذا الفنجان المشروخ أنهُ لم يغضَب مني غضبًا عظيمًا و إنما ما يشعر به تجاهي هو ضيقٌ عابِر لا أكثر . ضيقٌ عابِر ! لكن الشرخ ليس بعابِر ! إنهُ باقٍ , إنهُ عاهَة ستتبع هذا الفنجان إلى آخر أيامِه , إلى نزعهِ الأخير , إلى اللحظَة التي يغدو فيها حطامًا أمامي ! آه ... لا قدّر الله ! لا قدّر الله ! |
| |